هو إحدى أبيات شاعر عربى عاش في المدينة المنورة لقب بـ “كُثــيـّـر عزة” ، واسمه الحقيقي كثير بن عبد الرحمن بن الأسود بن عامر بن عويمر الخزاعي ، و الذي كان عاشقا متيما لعزة بنت جميل بن حفص بن إياس الغفارية الكنانية. ولد في آخر خلافة يزيد بن معاوية ، حيث توفي والده و هو ما زال صغيرا ، فكفله عمه بعدها وكلفه رعي قطيع له من الإبل حتى يحميه من طيشه إذ كان سليط اللسان و عرف بملازمته لسفهاء المدينة.
و كان قد كنى عزة في شعره تارة بأم عمرو ، و سماها تارة أخرى الضميريّة و ابنة الضمري نسبة إلى بني ضمرة بن بكر. كان الخليفة عبد الملك بن مروان حاكم يقرب إليه الشعراء و الأدباء و يجازيهم عما يستحسنه من قولهم ، و كان قد سمع من قوافل العرب المتنقلة عن شاعر عاشق يسمى بكُـثـيّـر تناقلت شعره الأمصار و سارت بأبياته الركبان من موطن لموطن و من قطر لقطر
و مع اتساع رقعة الخلافة الإسلامية آنذاك أمر أن يتم البحث عنه و الإتيان به إليه و لو من باطن الأرض كى يسمع ما يقول ، و نجح الحراس و الخدم في العثور عليه ، و بينما كان عبد الملك بن مروان جالسا ، فإذا بخادمه يدخل عليه ديوان القصر يستأذنه في دخول كُــثَــيّــر عزة عليه ، فأذن له بالدخول واستعد هو وجلسائه و نادميه لرؤيته وسماع ما عنده .
فلمــا دخل حدقوا جميعا إليه واستغربوه ، فقد وقف أمامهم رجل تزدريه العين ، حقير المنظر ، صغير البنية ، قصير القامة ، دميم الوجه ، ذو ملابس رثة ، فتعجبوا و لسان حال كل واحد منهم يقول : هل هذا هو كُثَيَّـر عـزَّة ، الشاعر الذي ملئ صيته الآفاق !! فكسر كُثــيّــر حاجز ذلك الصمت و قال : السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ، طاب مساءك يا أمير المؤمنين ، فما كان من عبد الملك بن مروان إلا أن رد فقال : تسمع بالمُعيدي خيرٌ من أن تراه !! و هو ما صار مثلا عند العرب بعد ذلك ، فقال كُثَيَّـر : مهلاً يا أمير المؤمنين ، فإنما الرجل بأصغريه ، قلبهِ ولسانه ، فإن نطق نطق ببيان ، و إن قاتل قاتل بجنان ، فأنا الذي أقول:
و جربت الأمور و جربتني … فقد أبدت عريكتي الأمور
و ما تخفى الرجال علي إني … بهم لأخو مثابته خبير
ترى الرجل النحيف فتزدريه … و في أثوابه أسد مزير
و يعجبك الطرير فتبتليه … فيخلف ظنك الرجل الطرير
و ما عظم الرجال لهم بزين … و لكن زينها كرم و خير
بغاث الطير أطولها جسوما … و لم تطل البزاة و لا الصقور
بغاث الطير أكثرها فراخًا … و أم الصقر مقلات نزور
لقد عظم البعير بغير لب … فلم يستغن بالعظم البعير .
فاستشعر الخليفة عبد الملك بن مروان الحرج و تسرعه فيما قال ، فاعتذر من كُثــير عزة و قربه إليه و رفع مجلسه. كما كانت بيتا أيضا لشاعر عربى آخر عاصر العباسيين يقال له ربيعة الرقى ، و اسمه الحقيقي هو ربيعة بن ثابت بن لجأ بن العيذار الأسدي الرقي ، و كان ضريرا لقب بالغاوي ، عاصر المهدي العباسي و مدحه في شعره و كان هارون الرشيد يأنس به و يستمع له و لشعره.
ولد وترعرع في الرقة على نهر الفرات في سورية ، و كان شاعرا جيدا يحسن نظم الكلمات في قصائد استحسنها و شهد له أبناء عصره و إنما أسقطه عن طبقته تركه خدمة الخلفاء ومخالطة الشعراء و أيضا بعده عن العراق. ترى الرجل النحيف فتزدريه وفي أثوابه أسد مزيرُ فما عظم الرجال لهم بفخر ولكن فخرهمْ كرمٌوخيرُ معلومات عن عبد الملك بن مروان